بقلم/ فايزة ربيع••
“- لا أدري، محاط بكومة بشرية تتنفس الماضي، و تستهلك الحياة، و تتشاجر في كل تفاهات العالم ..!”
“من صور المحبطين”!!
إنتباه.. عندما يكثر الضجيج من حولك بأصوات ناقمة لا ترى سوى الحزن والبؤس ناكرة فضل الله ونعمته “فلا تلتفت إليهم” فحتماً هناك من النعم التى أفاض بها الله علينا والتي تستحق الذكر، والتي تناسيناها فأصبحنا نتلذذ بذكر كل ما هو محبط ومحزن!
فإن كان لقضايانا وقت لابد منه وحقاً إلزاماً علينا أن نتفاعل معها بمنتهى الإيجابية والصدق، حتى وإن أصبح بعضها في كثير من الأحيان يتفاقم ويتعدى حدود الإستطاعة فلا يكون حيلة لنا حيالها سوى بأضعف الإيمان، وهو؛ شعور القلب بالإستياء واللجوء لله بالتضرع والدعاء.. ولكن مع ذلك علينا أن ننح الأسى جانباً ولو قليلاً، ولنكن يد عون لمن حولنا وشعلة أمل تنير ظلمتهم التي ربما هي أحلك من واقعنا الذي لا نراه سوى مريراً طيلة الوقت! أعتقد أنه لا داعي لأن نحبط الآخرين بكلمات بائسة بين الحين والآخر بحجة نقل الواقع ومناقشة مشاكله ومعايشتها، فلا أرى إلا أن ذلك تسبب لنا في إنقسامات غير مبررة فالكل انقسم ما بين محلل سياسي وآخر إقتصادي، وآخرين مفوهيين عن القيادات العسكرية فيما يخص أمن البلاد وأمانها! ومنهم من نصب نفسه مفتي للديار! ونسينا..”أن أجرأكم على الفتوى؛أجرأكم على النار” فإن كنت تبحث عن دوراً لك هاماً وفعالاً في المشاركة الحياتية، فالتفعل ولكن بجانب تفاعلك وبحثك عن حلول ودورك كإنسان إيجابي، عليك بالكلمة الطيبة، حتى لو كنت ترى الحياة تعيسة، فالجميع يعيها جيداً ومعايش لها مثلك، ولكن لن يضر أن يكون هناك ولو القليل من الأمل في كلماتنا.. فإما أن نساعد بَعضُنَا البعض ولنقل خيراً أو لنصمت قليلاً، فنصف الحكمة أحياناً في الصمت، والمقصود هنا هم الذين لم يحيطوا علماً بحقائق الأمور، أو حتى لمن لا يملك من العلم إلا قليل مما يجعله في شك من أمره، فلا تصبح أرائه إضافة لغيرهم، بل تشتيت لأفكارهم حتى يفقدوا هم الآخرين ما تبقى لديهم من قناعة فتصبح رؤيتهم مشوشة معتمة من كثرة اللغط وتداخل الحق مع الباطل..
وتساؤل يطرح نفسه؛ ما لنا أصبحنا ناقمين؟! ألا يوجد في كل ما يحدث من حولنا ما يستحق الثناء لنصتبر به سوياً! أفلا نذكر بَعضُنَا بها ونملأ الكون شكرًا وحمداً على ما نملك من نعم، كما نملأه صخب بما لا يرضينا أو يتفق مع ميولنا! فربما تأتي السعادة التي نرجوها من هنا، ألم يعدنا الله سبحانه ﴿ولأن شكرتم لأزيدنكم﴾ وكما قال:﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾
فإن كان هذا واقعنا جميعاً، وكلنا محاطون بهذا المناخ الذي فرضته علينا الظروف من ناحية، كما فرضه علينا أيضاً المحبطون من ناحية أخرى، فبإمكاننا نحن الآخرين حماية أنفسنا، وأن نتعامل مع واقعنا برؤيتنا فقد خلقنا ونعلم جيداً أننا في جهاد طيلة الوقت بمثابة إختبار وعلينا أن نجتازه بصعبوباته، ولن ننال جزائه سوا بإحدى الحسنيين؛ إما بالصبر والمثابرة، أو الرضا والتسليم بعد بذل كل ما لدينا من قوة وإيمان ويقين ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾
وأخيراً.. فلكل منا حيزاً ومساحة خاصة جداً، نستطيع أن ننفرد فيها بقناعتنا نحن فقط،
لذا.. فإنتبه دائماً “أين أنت؟!” من ذلك الحيّز فإن وجدته قد إمتلأ بتلك الأصوات والكلمات المحبطة الناقمة؛ فقم ببناء حصنك حول هذا الحيّز ولا تسمح لتلك الإحباطات أن تخترقه فتكاد في يأسهم تسقط دون أن ترغب؛
وتجد نفسك أنت الآخر لدور الضحية يتأهب؛
واستبشر برحمة ربك الأقرب؛وسر بقلبك إليه ولا تُعقب”♡،